أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م : قيمة الاحترام ، للشيخ كمال المهدي

خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م بعنوان : قيمة الاحترام ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 3 صفر 1442هـ ، الموافق 10 سبتمبر 2021م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م بصيغة word بعنوان : قيمة الاحترام ، للشيخ كمال المهدي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : قيمة الاحترام ، للشيخ كمال المهدي

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م بعنوان : قيمة الاحترام ، للشيخ كمال المهدي:

 

1- دعوةُ الإسلامِ للأخلاقِ الحسنةِ.

2- المقصودُ بقيمةِ الاحترامِ.

3- صورُ الاحترام.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، بعنوان : قيمة الاحترام، كما يلي:

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على أشرف المرسلين سيدِنَا محمدٍ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أما بعد :- ُ

أحبتي في الله :- إنَّ الناظرَ في دينِ الإسلامِ يجدْ أنه دينٌ دعيَ إلى كلِ ما هو جميلٌ.. دعي إلى كلِّ ما فيه خير للبشريةِ.. ومما دعي إليه الإسلامُ قيمةٌ من أعظمِ القيمِ لها تأثيرٌ كبيرٌ في النفوس..ِ

قيمةٌ يحتاجُها الصغيرُ والكبير..ُ

تُرَى أيُّ قيمةٍ هذه؟

إنها ((قيمةُ الاحترامِ))

فالاحترامُ هو أحدُ الفضائلِ والقيمِ الحميدةِ التي يلتزمُ بها الإنسانُ، بحيث يقدّم ُالتقديرَ والعنايةَ للآخرين..

ولقد أولىَ الإسلامُ عنايةً خاصةً بقيمةِ الاحترامِ وأعطاها مكانةً كبيرةً.

فاحترامُ الإنسانِ للناسِ وتوقيرِه لهم يرفعُ مقامَه ويُعلي شأنَه عند اللهِ تعالى وعند عبادِه ( من تواضعَ لله رفعَه ) ويرتفعُ المرءُ عالياً في عيونِ الناسِ ويُحبونَه ويُوقرونَه لاحترامِه لهم ويدعون اللهَ له بالتوفيقِ والقبولِ،  والناظرُ في سيرةِ النبي صلى الله عليه وسلم يجدُ أنها زاخرةٌ بالعديدِ من القصصِ التي تبينُ مدى احترامِ النبيِ صلى الله عليه وسلم للآخرين وَلِمَا لا؟؟ وهو صاحبُ الخلقِ العظيمِ الذي قال له ربه (وإنكَ لعلى خلقٍ عظيمٍ) [القلم:٤].

فمن احترامِه صلى اللهُ عليه وسلم مخاطبتِه لملكِ الرومِ حين أرسلَ إليه رسالةً يدعُوه بها إلى الدينِ الإسلاميِّ تبدأُ بقوله: (من محمدٍ رسولِ الله إلى هرقلِ عظيم الروم)، فقد حرصَ نبيُنا الكريمُ على إنزالِ الناسِ منازلَهم واحترامِهم وتقديرِهم.

*وهذا موقفٌ آخرُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ به يقفُ احتراماً لجنازةِ ميتٍ فلما قِيلً له إنه يهوديٌ قال صلى الله عليه وسلم أليستْ نفسا… ً

وتموتُ امرأةٌ سوداءُ كانت تقم المسجدَ وتنظفَه فيدفنٌها الصحابةُ، ولم يُعلِموا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بوفاتٍها فيسألُ عنها فيعلمُ بوفاتِها فيذهبُ إلى قبرِها ويصلي عليها احتراماً لها وتقديراً لما كانتْ تقومُ به.. ويقولُ أنسٌ رضي اللهُ عنه (خدمتُ رسولَ الله عشرَ سنينَ واللهِ ما قال لي أُفٍ قطٌّ ، ولا قال لشيءٍ فعلتُه لم فعلت ولا لشيءٍ لم أفعلْهُ ألا فعلتَ كذا) .

ولقد كان صلى الله عليه وسلم عندما يرىً خطأً من أحدٍ يقول «ما بالُ أقوامٍ يفعلونً كذَا» ما كان يوجهه أمامَ أصحابِه احتراما لمشاعرِه.

* جاء ذاتَ يومٍ أعرابيٌ فتبولَ بالمسجدِ فاعترضَ عليه الصحابةُ كثيراً لسوءِ تصرفِه ولكن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لهم «لا تُزرِمُوهُ» أي لا تقطعُوا بولَهُ ثم علمَهُ بعدَ ذلك فقال له إن المساجدَ للعبادةِ. هذا الرجلُ كان جاهلاً بهذا الأمرِ فتعاملَ معه صلى الله عليه وسلم بكلِّ أدبٍ واحترام. ٍ

** جاءَهُ صلى الله عليه وسلم رجلانِ في حجةِ الوداعِ وكان يوزعُ الصدقةَ فسألاه من المالِ فرفعَ بصرَهُ ورآهُمَا في صحةٍ وقوةٍ جيدةٍ فقال: «إنْ شئتُما أعطيتُكما ولا حظَّ فيها لغنيٍّ ولا لقويٍّ مُكتسِبٍ» فتعاملَ معهما بلطفٍ واحترامٍ ولم يقلْ لهما أنتما لا تستحقان. فرسولُنَا لا يجرح أحداً سواء كان الشخصُ يستحقُ المالَ أم لا.

** دخلَ رجلٌ المسجدَ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم جالسٌ وحدَه فتزحزحَ له، فقال الرجلُ: في المكانِ سعةً يا رسولَ الله! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ حقَّ المسلمِ على المسلمِ إذا رآه يريدُ الجلوسَ إليه أن يتزحزحَ له”.

** أحبتي في الله : هذا هو نبيُّنَا صلى الله عليه وسلم، هذا هو قدوتُنَا، فعلينا بالاقتداءِ به صلى الله عليه وسلم واتباعِ نهجهِ وهديهِ قال تعالى:(لقدْ كان لكم في رسولِ الله أسوةٌ حسنةْ لمن كان يرجوا اللهَ واليومَ الآخرَ وذكرَ اللهَ كثيرا)[الأحزاب : ٢١].

وللاحترامِ أحبتي في اللهِ: – صورٌ عديدةٌ فما أحوجنَا للتعرفِ عليها لتطبيقِها في واقعِنَا لنحظىَ بالخيرِ والحبِ والوئامِ في مجتمعاتنا ولنحظىَ برضوانِ اللهِ وجنتِه في آخرتِنَا.

** فأولُ صورِ الاحترامِ : ((احترامُ حدودِ اللهِ وشرعِه)) قال تعالى (ذلك ومن يعظمْ شعائرَ اللهِ فإنها من تقوى القلوب)[الحج:٣٢]..هذه رسالةٌ إلى كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ، منْ أرادَ أنْ يستشعرَ حقيقةَ التقوى في قلبِه، فليعظمْ شعائرَ اللهِ، يُعلِي شأنَها، يحافظُ عليها، يقدرُها قدرَها، يهتمُ بها، ويورثُ ذلك لأولادِه،، فهي شعائرُ اللهِ سبحانَه وتعالي.

** ثانيها :- ((احترامُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وتوقيرُه)) قال تعالى (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفتح:٨].

فمن حقِّ النبيِ صلى الله عليه وسلم على أمتِه أن يُهابَ ويعظمَ ويوقرَ فهذا حقٌ من حقوقِه الواجبةِ له مما يزيدُ على لوازمِ الرسالة. ِ

قال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف: ١٥٧]. ولقد تأدبَ الصحابةُ مع ربهِم ومع رسولِهم، حتى كان الرسولُ صلى الله عليه وسلم يسألُهم عن اليومِ الذي هم فيه, والمكانِ الذي هم فيه, وهم يعلمونَهُ حقَّ العلمِ، فيتحرجونَ أنْ يُجِيبٌوا إلا بقولِهِم: اللهُ ورسولُه أعلمُ. خشيةَ أنْ يكونَ في قولِهم تقدمٌ بين يدي اللهِ ورسولِه. ومن ذلك ما جاءَ في حديثِ أبي بكرةَ نفيعٍ بن الحارثِ الثقفيِّ رضي اللهُ عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سألَ في حجةِ الوداعِ: (أيٌّ شهرٍ هذا؟ قلنا: اللهُ ورسولهُ أعلم. فسكتَ حتى ظننَا أنه  سيسميهِ بغيرِ اسمه، قال: أليسَ ذو الحجةِ؟ قلنا: بلى. قال: فأيّ بلدٍ هذا؟ قلنا: اللهُ ورسولُه أعلم. فسكتَ حتى ظننَا أنه سيسميهِ بغيرِ اسمه، قال: أليسَتْ  بالبلدَةِ الحرام؟ قلنا بلى. قال: فأيُّ يومٍ هذا؟ قلنا: اللهُ ورسولُه أعلم، فسكتَ حتى ظننَا أنه سيسميهِ بغيرِ اسمهِ. قال: أليس يومُ النحرِ؟ قلنا بلى. ..) الحديث. فهذه صورةٌ من الأدبِ والاحترامِ، ومن التقوى التي انتهى إليها الصحابةُ بعد سماعِهم ذلك النداء، وذلك التوجيه.

** ثالثها :- ((احترامُ الذاتِ)) : ويُقصدُ به احترامُ الصورةِ الذهنيةِ التي يمتلكُها الإنسانُ عن نفسهِ، وبُعْدِه عن مواطنِ الشبهاتِ.. فقد أكّدَ الدينُ الإسلاميُّ على ضرورةِ احترامِ الذاتِ في مواضعَ كثيرة. ٍ

فانظُرْ رحمَكَ اللهُ إلى شبابِ اليومِ وقد بلغَ أحدُهم العشرين وما يزيدُ وتجدُه يلبسُ الملابسَ التي لا تسترْ ركبتَه وتجدُه يقصُّ شعرَه قصةً عجيبةً وتجدُه يلبسُ سلسةً في صدرِه وحظاظةً في يدهِ بل من الشبابِ من يشربُ الخمورَ وغيرَها من المسكراتِ فيظهرُ أمامَ الناسِ بصورةٍ مزريةٍ فهل هذا يحترمُ نفسَهُ؟ لا والله.. بل جعلَ نفسَه أضحوكةً للناس..ِ

** رابعها : ((احترامُ الوالدين)) :فقد أكّدَ الإسلامُ على ضرورةِ احترامِ الوالدينِ والإحسانِ إليهما والاعتناءِ بهما ومن ذلك قولُه تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).[الإسراء: ٢٣-٢٤].

** خامسها :- (( احترامُ الكبيرِ )) : فعن عبدِ الله بن عمروٍ رضي اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلي الله عليه وسلم: (ليسَ منَّا مَن لم يرحَم صغيرَنا ويعرِفْ شرَفَ كبيرِنا) [صحيح الترمذي]، أي بمعنى أنّه ليس من أخلاقِنا أن لا يُحتَرمُ الكبيرُ أو يُعطَى حقّه، ومن احترامِ الكبيرِ الحياءُ منه.

وخيُر مثالٍ على ذلك بن عمر لما عرفً جوابَ سؤالِ رسولِ الله عليه السلام عن الشجرةِ التي تشبُه المسلمَ لم يُجبْ، يقول: فأردتُ أن أقولَ هي النخلةُ، فنظرتُ فإذا أنا أصغرُ القومِ، فسكتُّ…” فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وَسَلَّمَ‏ :” أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها, فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هي النَّخْلَةُ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلَّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ”.(البخاري). يقولُ الإمامُ ابنٌ حجرٍ رحمه الله: “وَقَعَ في نفْسِ ابنِ عُمَرَ أنَّها النَّخلةُ، ولكنَّه استَحْيا أنْ يَذكُرَ ما في نفْسِه تَوقيرًا لأكابرِ الصَّحابةِ الحاضِرينَ الذين لم يَعرِفُوها”. (فتح الباري).

** سادسها :- (( احترامُ الصغيرِ )) : فللأسفِ الشديدِ نرى بعضاً من الناسِ يُهينُ الصغيرَ أمامَ الناسِ ولا يجعل له قيمةً بحجةِ أنه صغيرٌ وهذا خطأٌ جسيمٌ فهذا الصغيرُ له أحاسيسٌ ومشاعرٌ يجبُ أن تراعي، ولنا في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنة  ٌفعن سهلِ بن سعدٍ الساعديِ رضي الله عنه: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بشرابٍ فشَرِبَ منه، وعن يمينِه غلامٌ، وعن يسارِه الأشياخُ، فقال للغلامِ: أَتَأْذَنُ لي أن أُعْطِيَ هؤلاءِ؟ فقال الغلامُ: واللهِ، يا رسولَ اللهِ، لا أُوثِرُ بنصيبي منك أحدًا. قال: فتَلَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في يدِه) [صحيح البخاري]. نبيُ هذه الأمةِ صلى اللهُ عليه وسلم، على جلالةِ قدرهِ، وعلوِ منزلتِه، يستأذنُ غلاماً صغيراً لكي يتنازلَ عن دورِه في الشرابِ، فيأبى الغلامُ، فلم يعنّفْهُ ولم يُكرهه، بل وضعَ الإناءَ في يدِ الغلامِ، وانتهى الموقفُ بكلِ هدوءٍ وأريحية.ٍ

فأين نحنُ من هذا؟؟

** سابعها :- ((احترامُ العلماءِ والمعلّمين)) ، وذلك لدورهِم في مجالِ التّربيةِ، والإرشادِ إلى الطّريقِ الصّحيحِ، قال عليه الصّلاة والسّلام: (ليس منّا مَن لم يرحَم صغيرنَا ويوقّر كبيرنَا ويعرف لعالمِنَا حقَّه) ، ويقول المولى عزّ وجلّ: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[المجادلة:١١ ]. وسُئلَ أحدُ الحكامِ السّابقين لِمَ تُكرّم معلّمَك فوقَ كرامةِ أبيك فقال: إنّ أبي سببُ حياتي الفانيةِ ومعلّمي سببُ حياتي الباقية.ِ

وقال أحمدُ شوقي :-

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا * كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا..
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي*** يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا..
وإنه لمن المؤسفِ أنك ترىَ طالباً يدخنُ السجائرَ أمامَ معلمهِ ولا يبالي.. لا احترامَ ولا تقديرَ فإلى اللهَ المُشتكى.

** ثامنها : – ((احترامُ المرأةِ)) ، فقد جاء الإسلامُ لدحضِ كلَّ الأفكارِ التي كانتْ شائعةً عن المرأةِ آنذاك من أنّها مخلوقٌ خُلقَ لخدمةِ الرجلِ، وبأنّها مخلوقٌ لا قيمةَ له يُباعُ ويُشترى كأيِّ سلعةٍ أخرى، ومن المعروفِ بأنّ العربَ قديما كانوا يئدونَ البنات وهنّ على قيدِ الحياةِ، أمّا الإسلامُ فقد جاءَ وكرّمَ المرأةَ وأعطَاها حقوقَها في الميراثِ، والاحترامِ وأكدَّ في العديدِ من النصوصِ والتعاليمِ على ضرورةِ معاملتِها أحسنَ معاملةٍ، واتباعِ أسلوبِ الرفقِ والحبِّ معها لأنّها كائنٌ رقيقٌ وضعيفٌ. فيأ أيها الرجلُ احترمْ زوجتَك وعاملهَا باحترامٍ فهي مخلوقةٌ مثلُك وكما تحبُّ أن يحترمَك الناسُ فهي كذلك وكما تحبُ أن تُحْتَرمَ ابنتُك وأختٌك من زوجها فاحْترِم زوجتَك عاملهَا بحبٍ وبلطفٍ وتقديرٍ..

** تاسعها :- ((احترامُ الوقتِ)) ، والإحساسُ بأهميتِه، وأنه يعني الحياةَ، فلا يذهبُ وقتُك إلا في شيءٍ مقصودٍ ومفيدٍ،.

ومنه: احترامُ وقتُ الآخرين، فهو دليلُ عقلِك ووعيِك وتقديرِك لهم ولنفسِك، وللأسفِ الشديدِ ترى بعضاً من الناسِ.. يَعِدُكَ بأنه سيأتِيك في الساعةِ الرابعةِ، ثم لا يحضُر عندك إلا في الساعةِ السادسةِ. فأيُّ احترامٍ يحملُه مثلُ هذا الرجلِ؟؟

وإنني أخاطبُ أصحابَ المهنِ الذين يعطون المواعيدَ لأربابِ العملِ وإذا بهم يخلفون الميعادَ أقولُ لهم اتقوا اللهَ واحترمُوا المواعيدَ فما تفعلونَه ليس من أخلاقِ الإسلامِ..

** عاشرها :- ((احترامُ الجارِ)) :- فالجارُ له حقوقٌ يجبُ أن تحترمَ ولقد وصى به المولى عز وجل وحبيبُه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ)[النساء :٣٦]

وعن عبدِ الله بن عمرَ وعائشةَ رضي الله تعالى عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريلُ يوصينيِ بالجارِ حتى ظننتُ أنه سيورثُه. فينبغي عليك أخي الحبيب أن تحترمَ جارَك وألا تؤذيَه وأن تحترمَ خصوصياتِه فلا تتجسسْ عليه وعاملهُ بكلِ أدبٍ واحترامٍ يقول عنترة:-ُ

وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي ***حتى يُواري جارتي مأْواهَا..
** ومن صورِ الاحترام :- ((احترامُ الطريقِ)) ويكون بعدمِ شغلِ الطريقِ بما يزعجُ المارة أو يعوقُ حركتهُم ويؤذي مشاعرهُم، ولذلك كان توجيهُ النبيِ صلى الله عليه وسلم لأصحابهِ الكرامِ: (إياكم والجلوسَ على الطرقات)، وعندما قالوا له: ما لنا بدٌ، إنما هي مجالسُنا نتحدثُ فيها.. قال لهم عليه الصلاةُ والسلام: (فإذا أبيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّه).. قالوا: وما حقُ الطريقِ؟ قال: (غضُ البصرِ، وكفُ الأذى، وردُ السلام، وأمرٌ بالمعروفِ ونهيٌ عن المنكرِ).

هذه الوصايا النبويةُ الكريمةُ فيها العديدُ من الآدابِ الراقيةِ التي ينبغي أن يحرصَ عليها كلُّ من يجلسُ في الطريقِ العامِ وأبرزُهَا غضُّ البصرِ عما حرمَ اللهُ، وعن مراقبةِ المارين من الناسِ في أعمالِهم أو تصرفاتِهم أو لباسِهم أو السخريةِ منهم..

** ومن صورِ الاحترامِ :- ((الاحترامُ مع غيرِ المسلمين)) .. حتى ولو كان الإنسانُ غيرَ مسلمٍ، فلابد أن تحترمَ إنسانيَتَه فلا تقابِلْهُ بالسبِّ والشتمِ والأذى، بل تُعاملهُ باحترامٍ نابعٍ من احترامِك لنفسِك، ولدينِك العظيمِ الذي تحملهُ، كما كان من مخاطبةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم لهرقلِ بـ(عظيمِ الرومِ)، يقولُ الحافظُ ابن حجرٍ: “لم يُخله من إكرامٍ لمصلحةِ التألّف”.

وكثيرا ما يحتاجُ المسلمون للتعاملِ بالاحترامِ والتوقيرِ لمصلحةِ وحدةِ الصفِ،
وحتى أولئك الذين يجهلون عليكَ، خيرُ ما تقابلُهم به الصفحَ الجميلَ والمعاملةَ الحسنةَ بأدبٍ واحترامٍ فإنك إن فعلتَ ذلك أوقعتَهم في حرجٍ مع أنفسِهم قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).

** ومن صورِ الاحترام:- ((احترامُ خصوصياتِ الآخرين)) ، وأسرارِهم وأحوالِهم التي يحرمُ كشفَها والتجسسَ عليها، كالاتصالاتٍ والإيميلاتِ والمراسلاتُِ التي لا يجوز انتهاكَها ولا اقتحامَها، وويلٌ لمن يسمون بـ(الهاكرز)، ويلٌ لهم من وعيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من خَطْفِ أبصارِهم فلا يعقلون ولا يرجعون، وقد قال عليه الصلاة والسلام لرجلٍ اطلعَ في بيتِه: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنِكَ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ) رواه البخاري ومسلم.

* أحبتي في الله:- ما ذكرنَاه ما هو إلا بعضٌ من صورِ الاحترامِ فهناك العديدُ من صورِ الاحترامِ التي لم نذكرهَا ولكن عقاربَ الساعةِ لا ترحمنَا فنكتفي بما ذكرناه.
** وفي الختام :- أقول إنه مما يؤسفُ أننا نعانى جميعا من نقصِ قيمةِ الاحترامِ فى المجتمعِ ، أصبحَ الاحترامُ عملةً نادرةً ، فالصغيرُ لا يحترمُ الكبيرَ ولا يوقرهُ، والكثيرُ من الناسِ لا يحترمُ المواعيدَ ولا يحترمُ النظامَ والقواعدَ ، ولا يحترمٌ المرأةَ، ولا يحترمُ الوقتَ ، ولا يحترمُ الوالدين ،ولا يحترمُ المعاقَ، ولا يحترمُ المجتمعَ ،وهناك من لا يحترمُ الآخرَ غير المسلمِ. فلا حولَ ولا قوةَ الا باللهِ العليِ العظيمِ.

فما أحوجنَا لهذا الخلقِ الكريمِ، فكم جلبَ الاحترامُ من الموداتِ والمحبةِ والتوادد ِ والثمراتِ اليانعاتِ؟ وكم وجدَ المرءُ من الرتبِ والمقاماتِ الحسيةِ والمعنويةِ بسببِ احترامهِ وتوقيرهِ للآخرين؟

فإذا أردنَا النجاةَ فلنتخلقْ بهذا الخلقِ العظيمِ وليحترمْ بعضُنَا بعضَا.

**
أسأل اللهَ تعالى أن يجعلنَا من الذين يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَه..

**
كتبه :الشيخ / كمال السيد محمود محمد المهدي..

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »